ردة الفعل
العربي:
كان رد الفعل العربي على تقرير
لجنة التحقيق الانكلو أمريكية عنيفاً. فأعلن الإضراب العام في فلسطين
(3 أيار 1946) وعمت التظاهرات والإضرابات سورية ولبنان والأردن
والعراق. واقترح أمين عام جامعة الدول العربية لقاء قمة عربية وكانت
أول قمة لزعماء العرب عقدت في أنشاص قرب القاهرة يومي 27 و28 أيار 1946
وأصدروا البيان التالي:
رفض تقرير اللجنة الانكلوـ
أمريكية المشتركة.
ـ التمسك باستقلال فلسطين وصيانة عروبتها.
ثم دعي مجلس الجامعة العربية
لعقد دورة استثنائية وتقرر عقدها في بلودان في 8 حزيران 1946 على مستوى
رؤساء الحكومات وزراء الخارجية والدفاع لإسباغ مظهر القوة على هذا
المؤتمر. وكان من أهم الشخصيات التي حضرت الاجتماع، حمدي الباجة جي
(العراق) سعد الله الجابري وفارس الخوري ولطفي الحفار وجميل مردم بك
(سورية). صائب سلام وحبيب أبو شهلا (لبنان) وجمال الحسيني (فلسطين).
وقد شدد المجتمعون على رفض مقررات اللجنة الانكلو ـ أمريكية.
فدعت الحكومة البريطانية إلى
مؤتمر يعقد في لندن من جديد لبحث المشكلة الفلسطينية. إلا أن وجهة نظر
الدول العربية المساندة لفلسطين لم تلتقِ أبداً مع وجهة النظر
الصهيونية وهذا ما دعا إلى عرض القضية على الأمم المتحدة التي قررت
تأليف لجنة خاصة من الأمم المتحدة بشأن فلسطين. وقد توصلت هذه اللجنة
بعد أخذ ورد طويلين تقسيم دولة فلسطين إلى دولة عربية ودولة يهودية
ومنطقة دولية تشمل الأماكن المقدسة والقدس، على أن تمنح الدولتان
العربية واليهودية استقلالهما بعد فترة انتقالية مدتها عامين توضعان
فيها تحت وصاية الأمم المتحدة.
عرض مشروع التقسيم الذي أوصت به
اللجنة على هيئة الأمم المتحدة وفاز رغم معارضة العرب له في 29 تشرين
الثاني عام 1947م.
وفي وقت كانت الجمعية العمومية
تتجه لإقرار التقسيم، كانت جامعة الدول العربية تعقد اجتماعاً لها في
صور (لبنان) في 16 أيلول 1947 قررت فيه تقديم كل إمكانيات الدعم لأهل
فلسطين. ثم قررت في اجتماع آخر عقد في عالية (لبنان) 15 تشرين الأول
1947 تقديم ما لا يقل عن عشرة آلاف بندقية مع ذخائرها لأهالي فلسطين.
وتأليف لجنة عسكرية لإعداد
الدفاع عن عروبة فلسطين ووحدتها. وبعد إقرار التقسيم دعت الجامعة
العربية بعد اجتماع رؤساء الوزراء العرب فيها في القاهرة في 8 كانون
الأول 1947 إلى عدم الاعتراف بقرار الأمم المتحدة ورفض تقسيم فلسطين
واتخاذ كافة التدابير اللازمة لاحباط مشروع التقسيم وخوض المعركة لأجل
ذلك. كما أعلنوا المقاطعة الاقتصادية لليهود، وأسسوا مكاتب عربية
للدعاية في أوروبا وأمريكا الشرح القضية الفلسطينية.
استعد اليهود استعداداً كبيراً
انتظاراً للحظة جلاء الانكليز عن فلسطين، مستفيدين من العتاد والأسلحة
التي تركوها لهم، وشكلوا عصابات إرهابية استولت على المواقع المهمة.
وبدؤوا بمهاجمة القرى العربية مرتكبين أفظع المجازر مثل مذبحة ديرياسين
ومذبحة بيت الخوري، لإرهاب العرب وإجبارهم على الخروج من ديارهم.
وأما العرب فقد تطوع شبابهم من
جميع الدول العربية للدفاع عن فلسطين وشكلوا «جيش الانقاذ» للمشاركة في
الحرب.
حرب فلسطين «النكبة
1948»:
أعلن دايفيد بن غوريون عند خروج
البريطانيين في 15 أيار 1948 م قيام دولة إسرائيل. وشكل حكومة مؤقتة
لها. وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاعتراف فيها بعد 11
دقيقة من اعلانها. وتلاها الاتحاد السوفياتي، ثم توالت بقية الاعترافات
من باقي الدول المؤيدة للصهيونية.
وإزاء هذا الوضع تكررت
الاعتداءات الصهيونية على القرى العربية عقب انسحاب القوات البريطانية
لم يعد أمام الدول العربية إلا التصدي والتدخل العسكري.
وفي 15 أيار 1948 دخلت القوات
المصرية (5 آلاف جندي) والاردنية (4550 جندي) والعراقية (2500 جندي)
والسورية (1876 جندي) ولبنانية (1000 جندي) وكانت هذه القوات تحت قيادة
الملك عبد الله الذي أصر علىتسلم القيادة. وكانت درجة استعداد القوات
العربية ضعيفة، وكذلك التنسيق والتعاون بينها. ورغم كل ذلك، فقد حققت
الجيوش العربية نصراً سريعاً، وتمكنت هذه الجيوش من الوصول إلى ضواحي
تل أبيب، كما دخلوا القدس.وجاءت الهدنة الأولى (11 حزيران 1948) لتتغير
الأوضاع بعد ذلك.
الهدنة الأولى
11 حزيران 1948 م:
استنجدت القيادة الإسرائيلية
بالولايات المتحدة وبريطانيا، ففرضتا على العرب الهدنة في 11 حزيران
فاستغل الصهاينة فترة الهدنة وحصلوا على أسلحة متطورة كالطائرات
والدبابات والمدرعات الثقيلة، بينما كان العرب ينتظرون انتهاء مبادرة
الكونت برنادوت الذي سقط قبيل انتهاء الهدنة بالرصاص الإسرائيلي.
وفي صبيحة 8 تموز 1948 عادت
المعارك من جديد، وحميت خاصة في القدس وتمكن الإسرائيليون من توسيع
سيطرتهم على بعض الجبهات، في حين فشلوا في بعضها الآخر. وعاد مجلس
الأمن للمرة الثانية وأصدر القرار الثاني بالهدنة في 15 تموز وقد بُدىء
بتطبيقها في 18 تموز بعد أن تمكنت إسرائيل خلال عشرة أيام من احتلال
مساحات أخرى من الأرض ومن تحسين مواقعها.
ومع عودة القتال على نطاق واسع
ونجاح القوات الصهيونية من بلوغ خط التقسيم تراجعت الجيوش العربية عن
مواقعها وسلم الجيش الأردني اللد والرملة دون قتال واضطر الجيش المصري
إلى الانسحاب بسبب فساد الأسلحة، وجمد الجيش العراقي مكانه بحجة عدم
وصول أوامر التحرك إليه.
وهكذا توقفت الحرب بعد أن أخذت
إسرائيل الجليل والنقب ووصلوا إلى خليج العقبة ولم يبق من فلسطين إلا
قطاع غزة الذي وضع تحت الادارة المصرية، والضفة الغربية التي ألحقت
بالأردن، والقدس التي قسمت بين الأردن وإسرائيل. وأجبرت الدول العربية
على توقيع معاهدات هدنة منفردة مع إسرائيل.
ضم الضفة
الغربية إلى شرقي الأردن 1948 ـ 1967 م:
عمل الأردن على ضم الضفة الغربية
لأراضيه، فأقيمت المؤتمرات التي كان يحضرها وفود شعبية فلسطينية تفوض
الملك عبد الله مهمة تحرير فلسطين، كما عمل الأردن على حبس بعض
المناضلين الفسطينيين الذين كانوا يتزعمون العمل الوطني الفلسطيني
أمثال: جمال الحسيني، وأهم هذه المؤتمرات مؤتمر عمان في تشرين الأول
1948 ومؤتمر أريحا كانون الأول 1948 ومؤتمر رام الله ونابلس وقد عملت
الحكومة الأردنية في نهاية هذه المؤتمرات على اتخاذ إجراءات ترمي إلى
توحيد الضفتين كإضافة وزارة جديدة إلى حكومة أبو الهدى وهي وزارة
اللاجئين وعين فلسطينياً وزيراً لها. كما منح الفلسطينيون جوازات سفر
أردنية وحل البرلمان، وأقيمت انتخابات جديدة عام 1950 للبرلمان الموحد.
أما في قطاع غزة فقد اختلف
الوضع، فالسلطات المصرية قامت بإدارة القطاع إدارة مدنية بمسؤولين
عسكريين في أكثر الأحيان، وأعادت الدوائر الحكومية التي كانت قائمة في
عهد الانتداب وعينت المجلس الإسلامي الأعلى للمنطقة. وفي عام 1954 أعلن
الرئيس محمد نجيب عن تعيين حاكم عام لقطاع غزة.
وفي 5 أذار 1962 أعلن الرئيس عبد
الناصر النظام الدستوري لقطاع غزة، ومن أهم بنوده: «إن قطاع غزة جزء لا
يتجزأ من أرض فلسطين، وإن شعبها جزء من الأمة العربية...».
وبعد قيام منظمة التحرير
الفلسطينية، فإن الإدارة المصرية وضعت جميع الامكانيات المصرية في
خدمتها حتى أصبح القطاع في فترة وجيزة قاعدة شعبية عريضة للمنظمة بوجود
«جيش التحرير الفلسطيني».
وقد ظل الوضع على ما هو عليه حتى
نكسة حزيران 1967 واحتلال إسرائيل للقطاع.
المقاومة
الفلسطينية (1955 ـ .... م):
لقد كان لبداية العمل الفدائي
الفلسطيني جذور تمتد إلى عام 1948، إذ ساد الاعتقاد بأن كل تأخير في
مكافحة الصهاينة يخدم كيانهم، ويسهم في تثبيت وجودهم الاستيطاني وبعد
نكبة 48، كانت هذه الأعمال الفدائية تتجلى في عبور المواطنين
الفلسطينيين الذين طردوا من منازلهم إلى المناطق المحتلة لقتل من احتل
البيت، أو لاسترجاع ماشيتهم... ثم بدأت هذه الأعمال تنظم أكثر فأكثر،
فعينت القيادة المصرية المقدم مصطفى حافظ مسؤولاً وموجهاً لنشاطات
الفدائيين في غزة. فنظم صفوف الفدائيين، حتى بلغوا حوالي ألف وخمسمائة
فدائي، وقد كانت العمليات الفدائية تصل إلى عمق 65 كلم داخل الأراضي
المحتلة، وعلى مساحة قدرها 300 كلم2.
وقد اعترفت إسرائيل بوقوع 180
عملية هجوم خلال 3 أشهر ممتدة من 5 كانون الأول 1955 حتى مطلع أذار
1956م.
وعندما بدأ العدوان الثلاثي على
مصر عام 1956 كان أول ما عملته القوات الإسرائيلية بعد دخولها قطاع غزة
العمليات الانتقامية التي ذهب ضحيتها عدد من الفدائيين الفلسطينيين.
حرب 1967.
النكسة:
قامت في هذه الحرب القوات
الإسرائيلية بالهجوم صبيحة يوم الخامس من حزيران 1967 على القوات
العربية المصرية والسورية والأردنية، التي كان غائباً عنها وحده
التنسيق والقيادة السياسية والعسكرية الواحدة.
وقد جاءت هذه الحرب بعد تنامي
القوة العسكرية العربية، لا سيما في مصر وسوريا إضافة إلى تنامي المد
القومي العربي الذي قاده جمال عبد الناصر، وظهرت نتائجه في ثورة 14
تموز 1958 في العراق، وفي انتصار الثورة الجزائرية 1962، وفي نشوء
منظمة التحرير الفلسطينية 1964 وتعاظم قوة الثورة الفلسطينية.
يذكر أن المنظمة قد قامت في
مرحلة ما قبل الحرب بـحوالي 113 عملية هجومية ضد القوات الإسرائيلية.
أضف إلى كل ذلك، مطامع اليهود
الاستعمارية في الأراضي العربية المنزوعة السلاح وكذلك مطامعهم في
منابع المياه العربية، إن في روافد نهرالأردن، أو في ينابيع هضبة
الجولان السورية.
وقد حققت إسرائيل أهدافها
العسكرية من الحرب، وكان من أبرز ما حققته السيطرة على مساحات كبيرة من
الأرض العربية، تزيد كثيراً على ما سبق لها واحتلته في حرب 48، إذ كانت
مساحة «دولة إسرائيل المعلنة» في أيار 1948 تقدر بـ20700كم2. فضمت
إليها سيناء 61198كم2، قطاع غزة 363كم2، الضفة الغرببية 5878كم2،
والجولان 1150كم2. وبذلك أصبح مجموع الأراضي 89,359كم2.
هذه الحرب، أعادت القضية
الفلسطينية بقوة إلى الأمم المتحدة التي أصدرت بياناً رقم 242 في 22
تشرين الثاني 1967 تضمن التأكيد على:
ـ انسحاب القوات الإسرائيلية من
الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير.
ـ تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين.
وقد رفضت إسرائيل قرارات منظمة
الأمم المتحدة، وبذلك بدأت رحلة جديدة تميزت باتساع إطارالثورة
الفلسطينية، وتزايد ساحات المعارك للمقاومة الفلسطينية.
منظمة التحرير
الفلسطينية:
جاءت ولادة هذه المنظمة في
المؤتمر الفلسطيني الأول الذي انعقد في القدس في 28 أيار 1964، وشهدته
عدة وفود عربية، وافتتحه الملك حسين بن طلال، وأهم قرارات هذا المؤتمر
إعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية. وتم انتخاب السيد أحمد الشقيري
رئيساً للجنة التنفيذية.
وقد عملت هذه المنظمة على افتتاح
مكاتب لها في العواصم العربية وبعض بلدان أوروبا وأفريقيا وآسيا
والولايات المتحدة، وتأسيس مكتب دائم لها في الأمم المتحدة.
وقد واجهت المنظمة في دورتيها
الثانية والثالثة صعوبات كبيرة خاصة من ناحية الأردن الذي اعترض على
مبدأ التسليح والتجنيد والجباية، فتم نقل مركز اللجنة المركزية من عمان
إلى القاهرة. وبعد نكسة 1967، نشط العمل الفدائي، والتفت حوله جماهير
فلسطين والدول العربية وسار شعور بضرورة إعادة النظر في بناء المنظمة،
فقدم الشقيري استقالته واختير يحيى حمودة ليكون رئيساً بالوكالة.
وفي اجتماع الدورة الرابعة
للمجلس الوطني 1968 صححت عدة مفاهيم في الميثاق وحددت الأهداف الرئيسية
والتي تتمثل بعدم الاعتراف بوجود إسرائيل، ورفض مقررات الأمم المتحدة
القاضية بتقسيم فلسطين وآخرها رقم 242.
وفي الدورة الخامسة للمجلس
الوطني الفلسطيني الذي عقد عام 1969 في القاهرة (وقد تألف هذا المجلس
من: حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) طلائع حرب التحرير الشعبية
(الصاعقة وبعض الشخصيات المهمة واعتذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
انتُخبت اللجنة التنفيذية الجديدة التي بدورها انتخبت ياسر عرفات «أبو
عمار» رئيساً لها. بعد هذه الدورة، عاشت الساحة الفلسطينية أحداثاً
مهمة أهمها:
صدامات لبنانية فلسطينية تم
بعدها توقيع «اتفاقية القاهرة» في 2 تشرين الثاني 1969 التي نظمت
العلاقة بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير، وكانت أول اتفاقية تعقد
بين حكومة عربية والمنظمة.
ـ انضمام الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين بقيادة جورج حبش، والجبهة الشعبية القيادة العامة. إلى عضوية
المجلس الوطني واللجنة التنفيذية، وأصبحت المنظمة تضم فصائل المقاومة
الأساسية.
ـ معارك دامية بين الفلسطينيين
(المنظمة) والجيش الأردني (أيلول الأسود 1970)، توقفت مع عقد مؤتمر قمة
عربي استثنائي في القاهرة (26 ـ 27 أيلول 1970) توصل لتوقيع اتقاقيتي
القاهرة وعمان لتنظيم العلاقة بين الطرفين.
إلا أن النزاع تجدد خلال الدورة
التاسعة للمجلس الوطني في تموز 1971 وانتهى بخروج المقاومة الفلسطينية
من الأردن إلى لبنان.
حرب 1973
والجانب الفلسطيني:
ازدادت أعمال المقاومة
الفلسطينية المسلحة، التي كانت ترد عليها إسرائيل بغارات جوية على
قواعد الفدائيين في سوريا والأردن.
وكانت عمليات المقاومة كبيرة
ونوعية استطاعت في بعضها تحرير بعض المرتفعات في فلسطين المحتلة. وفي
الأيام الأولى لاندلاع الحرب في 6 تشرين الأول، كانت القوات الفلسطينية
تشارك على الجبهتين السورية والمصرية، إضافة إلى عمليات فدائية خارجية
كانت قامت بها المقاومة قبيل بدء الحرب كان أهمها عملية ميونيخ في
ألمانيا في 5 أيلول 1972، وقد أسفرت هذه العملية عن مقتل عدد من
الرياضيين الإسرائيليين إلى جانب خمسة من الفدائيين.
جميع هذه العمليات والتحركات،
كانت تعيد القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، وتُظهر إسرائيل
والصهيونية بأنها شكل من أشكال العنصرية، مما أعطى منظمة التحرير صفة
مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ثم جاءت الدعوة التي وجهتها
الأمم المتحدة إلى منظمة التحرير للاشتراك في الدورة 29 بمثابة نصراً
للمنظمة التي أصبحت أول حركة تحرير وطنية تشارك في أعمال الأمم
المتحدة. وكانت هذه الدعوة نتيجة عدة أسباب أهمها:
ـ قرار القمة العربية السابقة في
الرباط 1972 بمبايعة منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب
الفلسطيني.
ـ قرارات حركة عدم الانحياز
«ومنظمة المؤتمر الإسلامي» بالاعتراف بمنظمة التحرير ومنحها العضوية
الكاملة فيهما.
ـ ازدياد الدول التي اعترفت
بالمنظمة بشكل رسمي.
ـ نتائج حرب 6 تشرين الأول 1973.
وفي 13 تشرين الثاني 1974 ألقى
ياسر عرفات من على منبر الجمعية العامة في نيويورك خطاباً وجهه إلى
وفود دول العالم المشتركة في الدورة 29 للجمعية التي كان يرأسها عبد
العزيز بوتفليقة وزير خارجية الجزائر آنذاك (وأصبح رئيساً عقب انتخابات
نيسان 1999 في الجزائر) واستقبل عرفات في الأمم المتحدة وفق المراسم
التي يستقبل بها رؤساء وملوك الدول.
التخاذل العربي
والدولي إزاء القضية:
استمرت إسرائيل بعد حرب 1973 في
سياستها الاستيطانية والتوسعية على حساب العرب، فكانت تقوم على مصادرة
الأراضي العربية من أصحابها وتبني عليها المستوطنات لتستوعب اليهود
القادمين من شتى أنحاء العالم. إلا أن الشعب الفلسطيني لم يهدأ ولم
يستكين في الداخل، فقام بانتفاضة 30 أذار 1976 والتي تمثلت بإضراب شامل
ومظاهرات شعبية في كافة القرى والمدن الفلسطينية احتجاجاً على التصرفات
الإسرائيلية ضدهم. وقد سمي هذا اليوم بـ«يوم الأرض» الذي أصبح ذكرى
سنوية دائمة حتى الوقت الحاضر. لكن في أعقاب هذه الانتفاضة بدأت سلسلة
التخاذل العربي بدءاً بمؤتمر جنيف الدولي بمشاركة أمريكية وسوفياتية
وبحضور إسرائيل ومصر والأردن وغياب سوريا ولبنان، ومنظمة التحرير التي
لم تدع أصلاً، فكان ذلك كافياً لفشل هذا المؤتمر وكانت الاتصالات
السرية تنشط بشكل مكثف وخاصة بين أميركا وإسرائيل ومصر والذي كان يتجه
نحو تسويات ثنائية جزئية ضعيفة بين إسرائيل والدول العربية وكان أولها
مع مصر، حيث توصلا إلى توقيع اتفاقية كامب دايفيد في 26 أذار 1979 بين
أنور السادات ومناحيم بيغين وبرعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.
الأمرالذي أدى إلى زيادة الخلافات العربية والتي قطفت إسرائيل ثمارها
خاصة على الساحة اللبنانية والفلسطينية، فقامت باجتياح بيروت في حزيران
1982 وأخرجت المقاومة الفلسطينية منها باتجاه تونس والجزائر. وزاد من
هذا التراجع والإحباط انشغال العالم بحرب كبيرة بين دولة عربية كبيرة
بقوتها العسكرية وموقعها الصامد (العراق) وبين دولة إسلامية مشهود لها
بالتزامها بالقضية الفلسطينية (إيران)، وقد جاء تقاتل هذين البلدين
بمثابة ضربة موجعة جداً للقضية الفلسطينية. أضف إلى ذلك وبعد خمس سنوات
بداية تحييد قوة عالمية صديقة وداعمة للقضية الفلسطينية والقضايا
العربية ألا وهو الاتحاد السوفياتي.
ثورة الحجارة
الانتفاضة (1987 ـ 1994 م):
في إطار هذه الظروف العربية غير
الداعمة، والدولية المتناحرة، وحتى الداخلية الفلسطينية (خلافات متعددة
بين الفصائل الفلسطينية) اندلعت انتفاضة أطفال الحجارة في الأراضي
المحتلة وذلك في كانون الأول 1987م. ويمكننا أن نذكر هنا بعض أهم
العوامل التي أدت إلى الانتفاضة:
1 ـ الإحباط الشديد لدى
فلسطينيين الداخل عندما رأوا التخلي عن قضيتهم من قبل المجتمع العربي
والمجتمع الدولي.
2 ـ ممارسات الاحتلال الإسرائيلي
إزاء سكان الضفة على وجه الخصوص (تمييز، حرمان، مضايقات، ملاحقات....).
3 ـ ازدياد عدد المستعمرات
والمستوطنات اليهودية في الصفة، ومصادرة الأراضي العربية.
4 ـ الوضع المزري لأهالي وسكان
المخيمات في قطاع غزة الذين تضاعف عددهم في نفس المكان الذي كانوا عليه
من قبل.
جميع هذه العوامل والأسباب
مجتمعة أدت إلى اندلاع الانتفاضة من غزة ومن مخيم جباليا بالتحديد في 9
كانون الأول 1987 حيث دهست شاحنة إسرائيلية مجموعة من الشبان
الفلسطينيين، ومنذ ذلك الوقت انفجرت غزة بالمظاهرات وحالات الغضب ضد
الجنود الإسرائيليين وسرعان ما عم الغضب مختلف المناطق في الضفة
الغربية وقطاع غزة المحتلين، واكتملت الانتفاضة عندما أعلن فلسطينيو
عام 48 مشاركة إخوانهم الفلسطينيين بانتفاضتهم فأعلنوا الإضراب العام
والشامل في 21 كانون الأول 1987 ورفعت شعارات واحدة موحدة على كل
الأراضي الفلسطينية المحتلة ونظمت المسيرات والمظاهرات في مختلف
المناطق.
وقد كان تعامل سلطات الاحتلال
الإسرائيلي مع هذه الانتفاضة بمنتهى القسوة والوحشية، ولم يسلم منهم لا
الصغار ولا الكبار، وقد شاهد العالم بعض مظاهر الوحشية لدي اليهود،
عندما نقلت شبكة CNN الأمريكية لقطات لرجال في الجيش الإسرائيلي وهم
يجتمعون حول طفلين فلسطينيين ويكسرون أيديهم وأرجلهم بواسطة الحجارة
الكبيرة.
وفي خضم الانتفاضة. وقعت حادثة
الاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى في مدينة القدس في 8 تشرين
الأول 1990 والتي أدت إلى سقوط 22 قتيلاً ومئات الجرحى من المصلين
وبقيت أثار المجزرة على حيطان المسجد شاهدة على وحشية اليهود.
وقد أدان العالم هذه المجزرة،
كذلك قرر مجلس الأمن الدولي إرسال بعثة دولية إلى فلسطين إلا أن
إسرائيل رفضت هذا القرار جملة وتفصيلاً بكل وقاحة، وضربت به عرض
الحائط، ولم يحرك المجتمع الدولي ساكناً، ورفضت السماح لأي بعثة دولية
بدخول الأراضي الفلسطينية.
وقد استمرت وتيرة الانتفاضة
الفلسطينية على ما هي عليه من الشدة، وقد ظهر طرف آخر جديد في حركة
الانتفاضة إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية ألا وهي حركة المقاومة
الإسلامية (حماس) التي كان لها دور كبير أيضاً في عمليات الانتفاضة إلى
جانب القيام بعمليات فدائية ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي. وقد رفضت
حركة «حماس» إعلان الدولة المستقلة الصادر عن المجلس الوطني في دورته
الطارئة في الجزائر في 15 تشرين الثاني 1988، الأمرالذي أدى إلى وقوع
بعض الصدامات بين الفريقين حاول الإسرائيليون إذكاء نارها، إلا أن
الطرفان توصلا إلى حل يوحد عملهما ويوقف هذه الصدامات.
مؤتمر مدريد
وبدء مفاوضات السلام 30 تشرين الأول 1991:
قبل العمل على مؤتمر مدريد، كان
هناك العديد من المبادرات لوضع حد للنزاع الحاصل في المنطقة، ولحل سلمي
للقضية الفلسطينية، وكان سبق ذلك أيضاً بدء الحوار بين الولايات
المتحدة الأمريكية ومنظمة التحرير الفلسطينية في 16 كانون الأول 1988
في تونس وبعد عدة زيارات قام بها وزير الخارجية الأمريكية جايمس بايكر
إلى دول المنطقة (مصر، سوريا، الأردن، لبنان، إسرائيل) استطاع اقناع
الجميع بضرورة التفاوض المباشر لايجاد حل سلمي للنزاع العربي
الإسرائيلي.
وفعلاً عقد المؤتمر في مدريد في
30 تشرين الأول وأول تشرين الثاني 1991 وبحضور جميع المدعوين وبرعاية
مشتركة من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. وتمثل الحضور في: رئيس
الوزراء الاسباني فيليب غونزاليس، والرئيس الأمريكي جورج بوش، والرئيس
السوفياتي ميخائيل غورباتشوف (آخر رئيس للاتحاد السوفياتي). وممثل
المجموعة الأوروبية وزير الخارجية الهولندي هانس فان دن بروك، ووزير
الخارجية المصري عمرو موسى، ورئيس الحكومة الإسرائيلية اسحق شامير،
ووزير الخارجية الأردني رئيس الوفد الأردني الفلسطيني المشترك كامل أبو
جابر، ورئيس الوفد الفلسطيني حيدر عبد الشافي ووزير الخارجية اللبناني
فارس بويز، ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع. كما حضر في هذا المؤتمر
وفد عن مجلس التعاون الخليجي، ووفد عن دول الاتحاد المغاربي. وبعد
افتتاح المؤتمر كانت الكلمات لرؤساء الوفود، وبعد ذلك جرت ثماني جولات
من المباحثات الثنائية، وكانتالبداية في مدريد، ثم انتقلت الوفود
المتفاوضة إلى واشنطن حيث استكملت باقي الجولات.
وفي 16 كانون الأول 1992 أبعدت
إسرائيل إلى جنوب لبنان 400 فلسطيني رافضة إرجاعهم إلى فلسطين، وقد رفض
لبنان استقبال المبعدين، فبقي هؤلاء المبعدين بين البلدين مقيمين في
خيم قدمتها لهم قوات الطوارىء. وكانت عملية الإبعاد هذه سبباً في توقف
عملية المفاوضات في واشنطن لمدة أربعة أشهر.
وفي 6 أيار 1993 عاد الفلسطينيون
لإجراء الجولة التاسعة من المفاوضات في واشنطن ثم عقدت الجولة العاشرة
في 3 تموز 1993. وانتهت بتسليم وثيقة فلسطينية إلى وزير الخارجية
الأمريكية توضح الحل الأقرب لبداية فك النزاع.
اتفاقية أوسلو
ـ غزة ـ أريحا أولاً 13 أيلول 1993:
برعاية الرئيس الأمريكي بيل
كلينتون، عقد في واشنطن حفل توقيع اتفاقية أوسلو بين اسحق رابين رئيس
الوزراء الإسرائيلي وياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية معلنين
بذلك فتح صفحة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط عندما تُصافح الرجلان أمام
وكالات الأنباء العالمية.
ويمكن إيجاز أهم النقاط التي تم
الاتفاق عليها بما يلي:
ـ وجود سلطة حكم ذاتي للفلسطينيين في منطقتي غزة وأريحا.
ـ تبدأ إسرائيل بسحب قواتها من قطاع غزة وأريحا في 13 كانون الأول 1993
ـ انتخابات مباشرة لتشكيل مجلس
فلسطيني يحكم غزة وأريحا لمدة خمس سنوات وستنسحب القوات الإسرائيلية من
كل المناطق المأهولة في الضفة الغربية خلال عامين.
ـ إثر مرور ثلاث سنوات على
انتخاب المجلس الذي تطول فترته خمس سنوات ستبدأ مفاوضات لتحديد الوضع
النهائي للضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة.
قامت في وجه هذا الاتفاق عاصفة
من الاجتماعات والاعتراضات في صفوف الفلسطينيين الذي رأوا أن الاتفاق
ترك موضوعات كثيرة بلا حل؟ مثل: القدس واللاجئين وحق العودة،
والمستوطنات، والترتيبات الأمنية، والحدود، والعلاقات والتعاون مع
الجيران والأهم في كل ذلك قيام الدولة الفلسطينية وحق اللاجئين بالعودة
إلى بلدهم فلسطين.
وبالمقابل، فإن فلسطينيون آخرون،
ومع اعترافهم بنواقص الإعلان إلا أنهم وجدوا فيه إنجازات يحققها
الفلسطينيون للمرة الأولى. (كاعتراف حكومة إسرائيل بالحقوق المشروعة
للشعب الفلسطيني وبمطالبه العادلة).
وفي 9 أيار 1994 وقع ياسر عرفات
ووزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز اتفاقاً ضُّم إلى اتفاق
غزة -أريحا وتناول تحديد مساحة منطقة أريحا وبعض الترتيبات الإدارية
والأمنية. كما تناول قطاع غزة من حيث المستوطنات والمنشآت العسكرية
الإسرائيلية على طول حدود القطاع.
مجزرة الخليل
25 شباط 1994:
في الساعة الخامسة وعشر دقائق
فجراً من يوم الجمعة الواقع في 25 شباط 1994، اقتحم باروخ غولد شتاين
(طبيب يهودي أمريكي) قاعة المصلين المسلمين في الحرم الابراهيمي حيث
كان نحو 800 مسلم يؤدون صلاة الفجر جماعة، وبدأ بإطلاق النار عليهم من
سلاحه الناري، وقد حاول حارس المسجد الاستنجاد بالجنود الإسرائيليين
إلا إنه لم يجد أحداً. وعندما كان غولد شتاين يحاول تغيير مخزن الذخيرة
الخامس في بندقيته، ألقى عليه أحد المصلين قارورة الإطفاء، فيسقط على
الأرض، فينهال عليه من لم يصب برصاصة من جمهور المصلين ويضربونه حتى
الموت.
وفي النتيجة كان الحصيلة 53
قتيلاً مسلماً.
وعند انتشار الخبر، عمت مدينة
الخليل بلبلة وفوضى عارمة، فخرجت المظاهرات وأقفلت الطرقات بالإطارات
المشتعلة، واصطدم المتظاهرون بالجيش الإسرائيلي. وقد لقيت هذه المجزرة
استنكاراً عالمياً.
وبعد هذه المذبحة واستجابة إلى
حاجة الفلسطينيين الملحة للأمن، جرى توقيع اتفاق حول مدينة الخليل في
31 أذار 1994 بالقاهرة وذلك بإدخال قوات دولية إلى المدينة لتساهم في
إرساء الاستقرار والأمن.
اتفاق القاهرة
وتنفيذ الحكم الذاتي في غزة وأريحا (4 أيار 1994):
وقع هذا الاتفاق ياسر عرفات
ورئيس الحكومة الإسرائيلية اسحق رابين بحضور الرئيس المصري حسني مبارك
ووزير خارجية الولايات المتحدة وارن كريستوفر، ووزير خارجية روسيا
أندريه كوزيريف. وقد نص الاتفاق على كيفية تطبيق اتفاق غزة أريحا. وعلى
الصلاحيات المعطاة لسلطة الحكم الذاتي وإلى العديد من الأمور الأخرى
التي تنظم العلاقة بين السلطة الفلسطينية، والقوات الإسرائيلية.
وفي 17 أيار 1994 أصدر الحاكم
العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة البلاغ رقم 4 أعلن فيه حل الادارة
المدنية الإسرائيلية في غزة، ونقل صلاحياتها إلى السلطة الفلسطينية. في
حين استمرت الادارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية (وهو انتهاك
واضح لإعلان المبادىء).
وفي 29 أيار 1994 تشكلت السلطة
الوطنية الفلسطينية بموجب قرار من منظمة التحرير باعتبار السلطة
امتداداً لها. وهذه السلطة هي سلطة مرحلة انتقالية لا تمارس مهامها إلا
بعد إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية.
وفي الأول من تموز 1994 دخل ياسر
عرفات مع عدد كبير من جماعته الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد غياب
طويل، وقد استقبل استقبالاً جماهيرياً حاشداً.
تشكلت أول سلطة فلسطينية في
الداخل برئاسة ياسر عرفات.وفي 22 كانون الأول 1995 عين محمود عباس (أبو
مازن) رئيساً للجنة المختصة للتحضير والإشراف على الانتخابات المزمع
إجراؤها في 20 كانون الثاني 1996. وقد حظي موضوع الانتخابات باهتمامات
واسعة في أوساط الفلسطينيين في الداخل والخارج. كما أشرف على هذه
الانتخابات مراقبون دوليون، وكانت نسبة المشاركين 88,01% وانتخب ياسر
عرفات بنسبة كبيرة جداً. وبالرغم من مقاطعة حركة حماس لهذه الانتخابات
إلا أن خمسة من أعضاءها قد فازوا وكان من أهم الفائزين أيضاً: أحمد
قريع (أبو علاء)، حنان عشراوي، محمود عباس (أبو مازن)، صائب عريقات،
غسان الشكعة، حيدر عبد الشافي، رياض الزعنون، نبيل شعث....) ثم منح
المجلس التشريعي الفلسطيني الثقة للحكومة التي تألفت برئاسة ياسر عرفات
وكانت إسرائيل منذ بدء المفاوضات تطالب بتعديل الميثاق الوطني لمنظمة
التحرير وقد تعهد عرفات بإتمام هذا الأمر في عدة مناسبات، إلى أن جاءت
الدورة رقم 21 للمجلس الوطني الفلسطيني والتي خصصت لموضوع التعديل في
24 نيسان 1996.
وقد تضمن قرار التعديل فقرتين:
وذلك بإلغاء المواد التي تتعارض مع رسائل الاعتراف المتبادل. ويكلف
لجنة قانونية لإعادة صياغة الميثاق على هذا الأساس. وقد لقي هذا
التعديل معارضة شديدة من الداخل ومن الخارج.
انتفاضة أيلول
1996:
مجزرة جديدة أيضاً، يرتكب
الإسرائيليون مجزرة رهيبة بحق المسلمين المصلين في المسجد الأقصى في
مدينة القدس ذهب ضحيتها قتلى وجرحى. وقد كانت ردة الفعل على حجم
المأساة إذ أقدمت الجماهير الفلسطينية في مختلف المناطق المحتلة إلى
التظاهر ومواجهة الجنود الإسرائيليين. إضافة إلى قيام حركة حماس
بعمليات انتحارية كانت رداً على المجزرة، وانتقاماً لمقتل أحد أبطالها
المهندس يحيى عياش.
وكانت الحكومة الإسرائيلية آنذاك
برئاسة الليكودي المتعصب بنيامين نتنياهو الذي اتبع سياسة عنصرية
متشددة واستيطانية توسعية على حساب مفاوضات الوضع النهائي التي توقفت.
وقد عملت الحكومة الإسرائيلية
على إرهاق الفلسطينيين وسلطتهم وذلك عبر حصار شديد على جميع أراضي سلطة
الحكم الذاتي، إضافة إلى القرى والمدن الفلسطينية التابعة للاحتلال
بحجة ايقاف عملية التفجير. وقد أدى هذا الحصار إلى آثار سلبية اقتصادية
كبيرة على الفلسطينيين (الفلاحين والعمال). إلا أن هذا الحصار أظهر
حقيقة مهمة كانت غائبة وهي السيطرة المطلقة للإسرائيليين على
الفلسطينيين الضعفاء في مختلف المجالات، وخاصة الاقتصادية، إلا أن
الأمر لم يبق على ما هو عليه.
إذ في 25 أيلول 1996 انتفض
الفلسطينيون من جديد (وكأنها انتفاضة جديدة) واستطاعوا بأعمالهم
البطولية الجريئة، إخراج القوى الفلسطينية بما فيها سلطة الحكم الذاتي
من مأزق كبير، كانت إسرائيل تسعى لإيقاعهم به. فأذعنت إسرائيل للضغط
الشعبي الهائل ورفعت حصارها عن الشعب الفلسطيني.
إلا أن سياسة نتنياهو
الاستيطانية بقيت على ما هي عليه، الأمر الذي أدى إلى تأزم العلاقات مع
الجانب الفلسطيني، وقد عمل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ما بوسعه حتى
يجمع الطرفين على إعادة المفاوضات المتوقفة عقب العملية الاستشهادية في
القدس في 30 تموز 1997 وفد توصل إلى ذلك في 6 تشرين أول 1997، إلا أن
الخلافات كانت جذرية خاصة حول الانسحابات الإسرائيلية التي كانت تماطل
بها حكومة نتنياهو وبعد عدة وساطات أمريكية، استطاعت الدبلوماسية
الأمريكية أن تجمع عرفات بنتنياهو في واي ريفر/واشنطن/ بحضور ملك
الأردن الراحل الحسين بن طلال في 23 تشرين الأول 1998 وهو يتضمن
الخطوات الهادفة إلى تسهيل تنفيذ الاتفاق الانتقالي بشأن الضفة الغربية
وقطاع غزة والاتفاقات المتصلة به.
إلا أن هذا العام لم ينته إلا
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أوقفت هذا الاتفاق وجمدت تنفيذه تماماً.