السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد بينت في مقالتي السابقة عن مدرستنا الاقرائية العراقية البغدادية المتمثلة بالتراث الاقرائي العراقي الاصيل والنابعة من جذور اهل الفصل والحسب , اهل الحضارة والعلم والمستمدة من اهل بابل وسومر والمنصور وهارون الرشيد . ومن هذا فكانت مدرستي الكوفة والبصرة امتدادا لتلك الحضارة العراقية التي غرست وعلمت الدنيا جميع العلوم وهذا ليس تعصبا او انحيازا لبلدي .فهذا تاريخ بلد , بلد الرافدين العظيم . ومن تلك العلوم علوم الاداء والاقراء والفن والمقام في الاداء العراقي البغدادي الاصيل .فقد امتازت القراءة العراقية بالمقام العراقي الاصيل بكافة انواعه ووصله وهذه هي سمة يتسم بها القارىء الماهر والضابط بالاحكام والقواعد والنغم عن المدارس الاخرى . ولهذا يستطيع القارىء العراقي ان يقلد اي مدرسة اقرائية ويجيدها باحسن حال . فقد تميز المرحوم زميلنا القارىء عبد الرحمن توفيق (رحمه الله) بالاداء المصري وقد اشاد به المقرىء ابو العينين شعيشع عندما زرت القاهرة عام 1996وهذه شهادة من عملاق المدرسة المصرية للمرحوم عبد الرحمن توفيق (رحمه الله). الا ان الاداء العراقي يتميز بالمقام والمقام يحتاج الى حنجرة تمتلك مساحة صوتية واسعة تحيط من القرار الى الجواب وهذا ليس هينا , فلهذا تأثرت المدرسة العراقية البغدادية بطابع مقامي بغدادي نابع من اصالتها فمثلا كانوا البغادة يتمتعون بالاستماع الى نغمة ( التطويح البغدادي والمنصوري الذي يسمونه شكوى الرجال) وغير ذلك من المقامات البغدادية العريقة . وهذا ما تميز به اهل الابداع من قراء المقام فمثلا استطاع قارىء المقام العراقي محمد القابنجي(رحمه الله), ان ينشأ لنا مقام اللامي ويكنى باسمه!! اما المدرسة المصرية فكان تميزها بالسلم الموسيقي وهذا فرق شاسع يعرفه اهل الفن والنغم واهل الصنعة . لهذا اقتصرت الطريقة العراقية على اهل العراق, وعلى صعيد الفن فبرز ناظم الغزالي (رحمه الله) وعرف في العالم العربي وله مكانة عاليه من محبين ومعجبين ولكن لم يستطع احدا ان يقلده ويؤدي مدرسته. اما نحن العراقيون نستطيع ان نقلد ونقرأ باي اسلوب او مدرسة اقرائية ولا يصعب علينا . ومع كل ذلك فنحن نحترم كل المدارس الاقرائية ولا ننحاز الى احد , ولاننكر المدرسة المصرية فلها تأريخها وعمالقة قرائها ولها الفضل من ازهرها الشريف وهذا ما لتمسته من خلال زيارتنا للعالم الاسلامي لاحياء ليالي رمضان المبارك. واود ان اثبت للتارخ وللعالم حقيقة يغفل عنها بعض الناس او بعض الذين يسيئون الى المدرسة البغدادية العريقة .عندما توفيت الملكة عاليه في الخمسينيات من القرن الماضي وجاء من قراء مصرالى بغداد ومن بينهم المرحوم عبد الفتاح الشعشاعي وابوالعينين شعيشع وهذا معروف عند اهل العراق . قال لي المرحوم القارىء حافط خليل اسماعيل : بعد ما استمعوا لي والى مله مهدي ( رحمهم الله). قال عبدالفتاح الشعشاعي: ( لماذا استدعينا الى بغداد وعندهم هؤلاء القراء !!!!!!!!) وهذه شهادة عملاق القراءة المصرية . لهذا اقول وليس من باب التعصب والانحياز انا اعتز بتراثي الخالد والذي تعلمته ودرسته من شيخي واستاذي علامة العراق المرحوم الشيخ جلال الحنفي (رحمه الله تعالى) فكانت وصيته لي امانة ان احافظ على تراث العراق والمتمثل بالمدرسة البغدادية الاصيلة ولهذا اقول لكل ابناء الرافدين من اهل الاداء والقراءة من اهل المدرسة البغدادية الاصيلة هذه امانة باعناقكم ووصية مشايخكم فحافظوا عليها واحييوا تاريخها ومجدها واعلوا صرحها واسمعوا للعالم باسره اصواتكم ونغمكم العراقي الاصيل ولتصدح حناجرنا بادائنا البغدادي الاصيل , والله اكبر.