بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم،رب السماوات العلا، ورب الارضين ، مالك الملك ،يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء وهو على كل شيء قدير.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة وهدى،ونورا به يستضى ،وخيرا منه يرتجى،خاتم المرسلين والأنبياء ، محمد واله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
اللهم صلي على محمد وال محمد
اخواني اخواتي الكرام
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
نستكمل موضوع الدين الاسلامي الحنيف ونتحدث اليوم عن اصول الدين.
ماهي اصول الدين ؟... لماذا سميت هكذا؟ ... هل تشمل كل الاديان أم الدين الاسلامي فقط؟ ... وما وجه الاختلاف في الاصول مابين اهل السنة والشيعة؟ .. ولماذا هذا الاختلاف ؟
اخواني الاعزاء اخواتي الكريمات ... كما اتمنى من حضراتكم ان لايتخلل ردودكم العطرة أي مساس لاي جهة او فرقة او طائفة أو مذهب من المذاهب لأن ذالك يفقد الموضوع علميته وتحقيق الفائدة للجميع ... قصدنا من هكذا مواضيع هو التعرف عن قرب من بعض الامور التي تزيد من لحمة المسلمين ولم شملهم وعدم تفرقتهم ... وكذالك معرفة من هم اعداء الاسلام والمسلمين الحقيقيون والذين يسعون الى زرع الفتنة واشعال فتيل الفرقة واللحمة الاسلامية التي ارسى قواعدها المصطفى صلى الله تعالى عليه واله وسعى من اجل توحيد كلمة المسلمين .
ولقد كان (ص) حريصا على التآخي وعدم التفرقة ، ولقد كان صحابته الاخيار الاطهار الابرار معه صفا واحدا ومعينا لاينضب فأفنوا انفسهم واموالهم ومهجهم من اجل هذا الدين الحنيف رضي الله تعالى عنهم وارضاهم .... واليوم يجب ان نكون كما اراد الله عزوجل والرسول الكريم وصحبه وان ننهج منهجهم ونتحلى بخلقهم واخلاقهم ومنطقهم وعلمهم اذا كنا مسلمين حقيقين، اما اذا كنا مجرد هوية للإسلام فاقرؤا على امة محمد (ص) السلام ... لاننا بذالك نهدم الدين ونهدم مبادئه السامية التي طالما ضحى من اجلها الصناديد الابطال بالنفس والنفيس .
من هذه المقدمة البسيطة اردت ان اوضح لحضراتكم اننا مهما اختلفنا وتبادلنا الرأي بأي صورة من الصور فإنه كله لفائدتنا وبناء عقولنا وكذالك تصحيح اخطاءنا وعدم الانطواء تحت طائلة التعنت والتصلب والتخشن والتعصب ... وسنتعرف من خلال الاسئلة المطروحة والنقاش حولها كيف اننا متقاربون بالافكار والمنطق وكم نحن متقاربون بالقلوب .
السؤال الاول :- ماهي اصول الدين ؟ لغرض الاجابة عن هذا السؤال في البداية يجب ان نعرف مفهوم الدين ماهو ؟ وكما وضحناه في الموضوع السابق ولكننا نعيد نبذة قصيرة كي يرتبط الموضوع ببعظه .
الدين :- هو كلمة عربية ذكرت في اللغة بمعنى (( الطاعة والجزاء )) واما في الاصطلاح فتعني (( الايمان بخالق الكون ،والتعاليم والاحكام العلمية الملائمة لهذا الايمان )) .
وهنا تبين لنا ان اصول الدين هي الايمان والاعتقاد وتطبيق الاحكام والتعاليم لهذا الدين بكل طاعة ، وبعد هذه الطاعة هناك جزاء لابد ان يوفى للمخلوقات كل حسب درجة ايمانه وتطبيقه لهذه الاصول ... وهنا لابد لنا ان نعرف ان هذه الاصول هي ثوابت كل دين ولا يمكن اجتزاء أي واحدة منها لانها وبوضوح ان الذي يؤمن بواحدة او اثنتين من هذه الاصول لاتجزيء الا بالاخرى وهكذا ، وللعلم ان تلك الاصول هي عامل مشترك لكل الديانات السماوية التي اوجدها خالق الكون عزوجل يعني ما موجود في الدين الاسلامي من اصول هي نفسها موجودة في المسيحية واليهودية والنصرانية وغيرها من الاديان الاخرى ... واصول الدين هي ثلاثة فقط ((( التوحيد ، النبوة ، المعاد ))) ... وبعد ان جاء الاسلام وثبت قواعده وارسى تعاليمه في عهد الرسول (ص) وكان المسلمون لايفرقهم احد بل تجمعهم كلمة التوحيد ايمانا ويقينا وكذالك هم مطيعين لله ولرسوله فثبتوا كلمة التوحيد بالاعتراف الحقيقي للرسالة فشهدوا ان محمدا رسول الله (ص) وهنا لابد من تصديق وتثبيت هذين الاصلين ونحن قلنا انها طاعة وجزاء ... اذا لابد من تصديق هذه الطاعة أي لابد من الاعتراف بأن الخلق كله مفني ولا وجود له والباقي فقط هو الله عزوجل خالق هذا الكون وبعد ذالك يجب الاعتراف ان هناك رجوع وعودة لأجل الحساب والجزاء وهذا الاصل يجب على كل مؤمن ان يتمسك به لانه مقترن بوجودية الله تعالى وان أي شك فيه يعني ان المسلم لايعترف اصلا بوجود الخالق سبحانه وتعالى وبالتالي يؤدي الى الشرك والالحاد والعياذ بالله تعالى من الشرك والضلال .
وبعد ان تعرفنا على الاصول الثلاثة والتي هي ثوابت الاديان والدين الاسلامي ... لكن الشيعة الامامية لها رأي اخر في هذا الموضوع حيث اعتبرت ان الامامة من المنصوص عليها وهي كذالك استمرار للنبوة فأقرت أصلين وهي (( الامامة والعدل )) واعتبرت ان من لم يعترف بهما لايعترف بالدين الاسلامي وهو خارج عن ملة الاسلام وان كان مسلما .
وهذا رأي اخر في اصول الدين لاحد المشايخ :-
ما هي أصول الدين الإسلامي ، و ما هو تعريفها ؟
إن الأسس التحتية لفكر الإنسان و سلوكه العقائدي و الفكري تسمى بأصول الدين ، و يراد بها الأمور التي ترتبط بعقيدة الإنسان و سلوكه الفكري و التي تبتني عليها فروع الدين التي ترتبط بأفعال الإنسان أي سلوكه العملي.
فما يرتبط من تعاليم و إرشادات بتوجيه الجانب النظري للإنسان ـ أي المعرفة و العقيدة ـ تسمى بأصول الدين ، و ما شرعت لتوجيه سلوك الإنسان العملي سميت بفروع الدين ، فالدين معرفة و عمل ، معرفة بأصول الدين ، و عمل بفروع الدين.
ثم إن المشهور بين علماء الكلام من الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ، هو أن أصول الدين خمسة ، يجب أن يكون الاعتقاد بها عن طريق الدليل و البرهان ، و هي كالتالي:
الأول: التوحيد:
و هو يشمل جميع أقسام التوحيد ، فالمقصود منه توحيد الله سبحانه و تعالى في ذاته بنفي المِثل و الشريك له ، و انه سبحانه بسيط لا جزء له ، كما يجب توحيده في صفاته ، أي الاعتقاد بأن صفاته كالعلم و القدرة و الإرادة و الحياة كلها عين ذاته المقدسة سبحانه و تعالى ، كما و يجب توحيده في الخالقية و الطاعة و العبودية و الحاكمية و الربوبية.
الثاني: العدل:
و هو: "عدم فعل القبيح و عدم الإخلال بالواجب ، و عدم التكليف بما لا مصلحة فيه "أي الاعتقاد بأن الله تعالى عادل غير ظالم لا يجور في حكمه و قضائه ، فهو سبحانه و تعالى منزّه عن فعل القبيح و الإخلال بالواجب ، و التكليف بما لا مصلحة فيه.
و يعتبر هذا الأصل في علم الكلام من الفوارق بين المعتزلة و الإمامية القائلين بالتحسين و التقبيح العقليين ، و بين الأشاعرة القائلين بالتحسين و التقبيح الشرعيين ، و لأهمية هذا الأصل و كونه من الفوارق فقد أفردت له الشيعة الإمامية مجالاً خاصاً و جعلته أصلا مستقلا رغم كونه من موضوعات الألوهية و يندرج تحت عنوان الصفات الثبوتية ، و لذا فقد سمي القائلين به بالعدلية.
الثالث: النبوة:
و هي الإنباء و الإخبار من حيث اللغة ، إلا أنها قيّدت شرعا بالإخبار و الإنباء عن الله تعالى ، على أن يكون المخبر أو المنبئ إنسانا ، و يسمى الإنسان المخبر أو المبلغ عن الله تعالى بـ "النبي" ، و النبي هو الإنسان المخبر عن الله تعالى بغير واسطة بشر.
و النبوة سفارة إلهية و خلافة ربانية يجعلها الله تعالى لمن ينتخبه و يختاره من عباده الصالحين و أوليائه الكاملين في إنسانيتهم ، فيرسلهم إلى سائر الناس لغاية إرشادهم إلى ما فيه منافعهم في الدنيا و الآخرة.
هذا و إن الله تعالى رحمة منه بعباده و لطفا بهم فقد أرسل إليهم الأنبياء و الرسل كي يرشدوا الناس إلى ما فيه خيرهم و صلاحهم ، فلولا إرسال الرسل و بعث الأنبياء (عليهم السَّلام) لما اهتدى الناس إلى أوليات الحياة لقصورهم و عدم إطلاعهم على جميع الحقائق و الأسرار مما يحيط بهم و بخاصة بما يرتبط بالإنسان نفسه في جميع مجالات حياته.
كيف يُعرَف النبي ؟
ثم إن النبوة تعرف بأمور ثلاثة:
1. أن لا يُقرر النبي ما يخالف العقل ، كالقول بأن الباري سبحانه أكثر من واحد.
2. أن تكون دعوة النبي إلى طاعة الله و الاحتراز عن معصيته.
3. أن تكون للنبي معجزة يُظهرها عقيب دعواه ، و يقيمها دليلاً على نبوته و ارتباطه بالله ، و يتحدى بها الناس.
الرابع: الإمامة:
و هي خلافة عن النبوة ، قائمة مقامها في المهام و الصلاحيات إلا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة.
و الامامة كانت بعد كل نبي و بالذات بعد النبي المصطفى محمد بن عبد الله (صلَّى الله عليه و آله) لكونها لطفاً من الله تعالى ، إذ لا بُدَّ و إن يكون في كل عصر إمام هادٍ يخلُف النبي في وظائفه من هداية البشر و إرشادهم إلى ما فيه الصلاح و الفلاح و السعادة في الدنيا و الآخرة ، فالإمامة استمرار للنبوة في المهام.
ثم إن الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله ، و ليست هي بالاختيار و الانتخاب من قبل الناس.
هذا و إن الأئمة بعد النبي محمد (صلَّى الله عليه و آله) هم إثنا عشر إماما نصَّ عليهم النبي (صلَّى الله عليه و آله) و ذكرهم جميعا بأسمائهم بصورة كاملة.
الخامس: المعاد:
هو البعث يوم القيامة ، و يعني حشر الناس روحاً و جسداً و إعادتهم بعد الموت و في يوم موعود ، و ذلك لمحاسبتهم على ما فعلوه ليثيب المطيعين و يعذب العاصيين ، و هذا مما اتفقت عليه الشرائع السماوية و أخبر به الرسول الأمين محمد (صلَّى الله عليه و آله) و لا محيص للمسلم من الإيمان به كأصل من أصول الدين ، و كعقيدة أخبر بها القرآن الكريم من بعث و ثواب و عقاب و جنة و نعيم و نار و جحيم.