أفلا يتدبرون القرآن ؟
مع دخول رمضان تتجه النفوس لكي تُقْبل على القرآن تلاوة وقراءة في سائر الأوقات، ويتنافس الصائمون والصائمات لختم القرآن كما تواتر عن السلف.
ورأيتُ أن الإقبال على القرآن عملٌ جليل وسبب لصلاح النفس بل وللأمة.
ولكنني توقفت مع حال الكثيرين حيث يقرأه سرداً وبسرعة حتى إنك تجزم أن القارئ لم يعرف ماذا يقرأ، ولم يتأثر عند آية، ولم تدمع عينه، ولم يتحرك فؤاده.
وإني أجدُ أن هذا خلل ظاهر وبين؛ لأنه مخالف لقول الرب تبارك وتعالى: (( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ))[ص:29] فأين التدبر والتفهم والتأمل لكلام ربنا تبارك وتعالى؟ .
وأكاد أجزم أن أكثر القرّاء للقرآن في رمضان لم تظهر عليهم آثار القرآن ومواعظه وزواجره، والسبب قطعاً هو "السرد السريع لأجل الختمة".
وبالنظر إلى سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم نجد أنه في رمضان كان يتدارس مع جبريل عليه السلام مرة واحدة لختم القرآن، وفي آخر عام "تدارسا القرآن مرتين".
وبالنظر كذلك إلى منهج الصحابة نجد أن الواحد منهم كان حريصاً على التدبر والتأمل ولو طالت المدة في حفظ أو قراءة السورة.
قواعد تعين على التدبر :
1. القراءة في مكان مناسب .
2. قراءة معاني الآيات .
3. تكرار الآيات .
4. معرفة أسباب النزول .
5. دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالمعروف أنه صلى الله عليه وسلم كان الترجمان الحقيقي للقرآن .
واسمح لي أن أهمس لك همسة من القلب :
في أثناء مطالعتك لكتاب الله تعالى وفي لحظات التدبر العظيمة التي تمر عليك وأنت تقرأ كلام الرحمن سوف ترد على خاطرك بعض الإشارات.
وسوف تنقدح في عقلك بعض الإشراقات القرآنية.
فما أجمل أن يكون القلم بجوارك والورق أمامك لكي تسطر بيدك تلك المعاني وهاتيك الكنوز.
وبعد ذلك راجع كلام المفسرين حول ما كتبت لتضيف أقوالهم على مجموع ما كتبت ليضفي عليه بعض التأييد والتأكيد.
وأما إن كان ما كتبت مخالفاً فاحذر منه وتعرف على سبب الخطأ والفهم, وبعد الانتهاء من تدوين اللطائف وضم النظير للنظير والشبيه إلى ما يشابهه سيكون لديك كتاب " لطائف في التدبر " ليكون زادك وقت الخلوة، وأنيسك في الوحدة.
ونحن لو تصورنا أن مائة من محبي القرآن وممن أوتي تدبراً وتأملاً كتبوا ذلك لأصبح لدينا مئات بل ألوف اللطائف القرآنية والإشراقات الإيمانية.
إننا بحاجة أن نتدرب على التدبر لنشعر بقيمة القرآن وعظيم نفعه وفي التنزيل: (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ))[النساء:82].
من كتاب ( مجالس رمضانية )
للشيخ ( سلطان بن عبد الله العمرى )